في سعيه لمواجهة التحديات البيئية العالمية وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يسهم قطاع الطيران بنسبة 2.5% منها، يعمل برتران بيكار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة Climate Impulse، على تطوير أول طائرة تعمل بالهيدروجين للتحليق حول العالم بدون توقف.

وخلال مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، أكد بيكار الأهمية البالغة لهذا المشروع في تعزيز استخدام الطاقة النظيفة وتوفير حلول مستدامة للوقود التقليدي، كما شرح بيكار أن التحديات التقنية المعقدة للمشروع تتطلب ابتكارات جديدة ونهجاً ريادياً غير تقليدي في صناعة الطيران، مع التركيز على سلامة الرحلات التجريبية التي ستبدأ قبل الإطلاق الرسمي المخطط له في 2028.

جاء ذلك على هامش قمة طاقة المستقبل المنعقدة في العاصمة الإماراتية أبوظبي في الفترة من 16 حتى 18 أبريل نيسان الجاري.

تنوع مصادر الطاقة النظيفة

أثناء الجلسة الافتتاحية -التي شارك فيها بيكار إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون- ركز بيكار على الحاجة لتوسيع نطاق استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتجاوز الاعتماد الرئيسي على طاقة الرياح والشمسية فقط.

وانتقد بيكار سياسات الطاقة الحالية التي تهمش مصادر مهمة مثل الغاز الحيوي (أو ما يعرف بـالبيوغاز) والطاقة الجوفية الحرارية، مؤكداً أن النهج الأكثر شمولية سيسهم بشكل أكثر فعالية في تنويع مصادر الطاقة النظيفة.

دور الإمارات في تعزيز الطاقة الخضراء

وأشاد بيكار بدور دولة الإمارات في دعم مشروعات الطاقة الخضراء، خصوصاً في مجال الهيدروجين، إذ يُنظر إلى الدولة حالياً باعتبارها مركزاً مستقبلياً لإنتاج وتصدير الهيدروجين.

وخلال المقابلة، تطرق بيكار إلى كيفية استفادة الإمارات من مواردها الطبيعية لتحقيق الريادة في هذا القطاع، مؤكداً أن التعاون مع مؤسسات متخصصة -مثل مصدر- أمر في غاية الأهمية لأنه يُعزز البنية التحتية اللازمة لتطوير تقنيات الهيدروجين.

تحديات الطيران الحديث والاستدامة

يقول بيكار إن صناعة الطيران اليوم تقف عند مفترق طرق بين الضغوط البيئية والحاجة الملحة للابتكار، مشدداً على أن التقاعس عن الابتكار والاستمرار في الاعتماد على الوقود الأحفوري دون تغيير يمثل خطراً كبيراً، لا سيما في ظل الضغوط المتزايدة من النشطاء البيئيين والتوجه العالمي نحو إزالة الكربون.

وفي هذا السياق، تبدي شركات رائدة -أمثال Airbus وDaher وAriane Group وScienceCo- استعدادها للتعامل مع تلك التحديات من خلال تطوير مواد جديدة، وخلايا وقود متطورة، وخزانات هيدروجين لاستخدامها في الطائرات، ما يعكس استعداد صناعة الطيران لتجربة وتبني حلول جديدة تسهم في تعزيز الاستدامة.

الكفاءة الاقتصادية ومستقبل الهيدروجين

أما بالنسبة للتكلفة، فيوضح بيكار أن تكلفة الهيدروجين لا تزال مرتفعة نظراً لأن الصناعة لم تصل بعد إلى الكتلة الحرجة التي من شأنها أن تخفض الأسعار، ومع ذلك حث بيكار على استخدام الهيدروجين والاعتراف بإمكاناته في خفض التكاليف على المدى البعيد.

من جهة أخرى، يرى بيكار أن الشرق الأوسط، -وبالأخص الإمارات والسعودية- يمكن أن يلعب دوراً رئيسياً في تصدير الهيدروجين الأخضر، مستفيداً من موارده الطبيعية الغنية -مثل الشمس والرياح، ما يعد بتطور كبير في دور هذه الدول في سوق الطاقة العالمية.

في ختام هذه الرحلة الاستكشافية للابتكارات المستدامة، يترك برتران بيكار لنا تساؤلاً جوهرياً: هل ستشكل الطائرات التي تعمل بالهيدروجين مستقبل الطيران المستدام؟ وهل يمكن لشركات الطيران الأخرى التعلم من هذه التجارب واعتمادها لتقليل الانبعاثات الضارة؟