«نعيش في عالم يركز على التحيز اللغوي والثقافي والتقني بشكل عام وهناك نقص شديد في المحتويات المحلية سواء أكانت باللغة العربية أو غيرها»، هذا ما قالته هدى الخزيمي الأستاذ المساعد في جامعة نيويورك بأبوظبي ومؤسس مؤسسة (Emaratsec) ورئيس مشارك لمجلس المستقبل لمنتدى الاقتصاد العالمي، في لقاء مع CNN الاقتصادية قبيل انعقاد المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية الذي تستضيفه أبوظبي في 28 من أبريل نيسان الجاري.

وأضافت الخزيمي أنه يتوجب على جميع الدول مثل الإمارات وغيرها من البلدان تطوير منظومة بيئية متكاملة لتطوير خوارزميات وصناعات الذكاء الاصطناعي والعمل على التدابير القانونية والتنظيمية لاستخدام منتجات الذكاء الاصطناعي وتصديرها إلى العالم مشددة على ضرورة دعم التعليم العام المفتوح لهذه التكنولوجيات الناشئة والمتجددة كل يوم.

الذكاء الاصطناعي ذو وجهين

يتخطى الذكاء الاصطناعي لا سيما التوليدي حدود التكنولوجيا ليلقي بآثاره على الإنسان والمجتمعات، فهو كما وصفته الخزيمي «قوة عالمية وتحويلية لمختلف الصناعات».

فإلى جانب دوره في تسهيل التواصل باللغات المختلفة ولمختلف الجنسيات، يتمتع الذكاء الاصطناعي التوليدي بقدرات على حفظ الثقافات والتراث العالمي، وهو قادر على ترجمة النصوص وإنشائها بشكل سهل، كما أنه أداة لتوليد المحتوى تمكن الكتاب والصحفيين والمدونيين من إنتاج محتوى جاذب.

وأضافت الخزيمي أن الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يجعل صناعة الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة أكثر دعماً للتواجد العالمي مع نشر استيعاب الخوارزميات وتطويرها.

ومقابل كل هذه الحسنات يولد الذكاء الاصطناعي مخاوف جمة لا سيما المتعلقة بالأخلاقيات التي تطال مجالات كثيرة مثل الخصوصية والتحيز والشفافية وفرص العمل.

وأوضحت الخزيمي في هذا السياق أن مخاطر الذكاء الاصطناعي تكمن في تحوير المحتويات المختلفة التي قد تنشأ عن طريق أتمتة النشر، ما يؤدي إلى عملية أتمتة التحكم في المحتوى وخلق نوع من التقنين أو حجب للمحتوى بداعي تأثيره على الأسواق العالمية أو فهم لقضايا سياسية واجتماعية معينة في مختلف الدول.

الأمر الذي يقيد برأيها من حرية التعبير، لذلك نصحت الخزيمي بضرورة إنشاء خوارزميات تعزز حرية التعبير وإمكانية تحسين إنشاء المحتوى بطريقة تضمن الحرية الفكرية والملكية الفكرية للنصوص المنشأة.

ولفتت الخزيمي إلى أنه لمحاربة التحويرات في المحتوى علينا تطوير خوارزميات معينة تحلل النصوص المنشورة وتقوم بأتمتة تحليل هذه النصوص، وهذه التقنيات تتبناها أكبر وكالات الأنباء للتوثيق والتأكد من الحقائق.

وشددت الخزيمي على أهمية تمكين الإنسان من التعلم وإكسابه مهارات الإعلام والتفكير النقدي وتشريع قوانين ونظم على المؤسسات المنتجة للذكاء الاصطناعي بهدف دعم الشفافية والمساءلة وتحقيق المشاركة المدنية بشكل متوازن.

تطوير المحتويات والتعلم مفتوح المصدر

طورت الإمارات مؤخراً نماذج للغات الكبيرة باللغة العربية ومفتوحة المصدر مثل «جيس» و«فالكون» إلى جانب عدة نماذج أخرى طورتها مؤسسة (Emaratsec)، وهناك الكثير من التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي يُعمل بها في السعودية والبحرين ومصر والمتعلقة بالتسويق والتعليم والاجتماعات والمؤتمرات والصحة إلا أن الخزيمي ترى أنه يتوجب العمل على تطوير محوري للخوارزميات على مستوى التأسيس أو التصميم.

ودعت الخزيمي إلى ضرورة أن يترافق ذلك مع الدعم البيئي المتكامل لإنشاء صناعة الذكاء الاصطناعي وخلق محتوى ثقافي واقتصادي من خلال تعزيز دور الجامعات والمجتمعات والشركات الناشئة ورواد الأعمال في المجالات كافة.

وبحسب الخزيمي، يجب أن يتصاحب ذلك مع إيجاد قنوات تمويل كالتمويل الجماعي بهدف دعم التطوير الجماعي المفتوح لهذه المحتويات وليس فقط التطوير الذي تمتلك ملكيته الفكرية جهة معينة، فالوصول المفتوح للبيانات والموارد والبيانات عالية الجودة باللغة العربية مع تصميم وتدريب النماذج اللغوية تمكن الأشخاص التواقين للتعلم واستخدام هذه التقنيات من الوصول إليها.