يشكل شهر رمضان فترة استثنائية للعلامات التجارية، إذ تستعد المتاجر والشركات لاستقبال هذا الشهر بحملات تسويقية مبتكرة ومتنوعة، ويعد التسويق في شهر رمضان تحدياً استراتيجياً للعلامات التجارية، إذ يتعين عليها توفير العروض والخدمات التي تلبي احتياجات المستهلكين الذين يبحثون عن الفرص الاستثنائية والتجارب المميزة خلال شهر الصوم.

وفي عالم الأعمال العالمي المتغير باستمرار، أصبحت العلامات التجارية الكبرى تتبنى استراتيجيات تسويقية متنوعة للتواصل مع جماهير مختلفة، وتعد الحملات الرمضانية إحدى هذه الاستراتيجيات المبتكرة التي تهدف إلى بناء جسور التواصل مع المستهلكين المسلمين حول العالم، وتسلط هذه الحملات الضوء على القيم الإسلامية وتقاليد شهر رمضان، مقدمة بذلك نموذجاً يحتذى في مجال التسويق الشامل والمتنوع.

هذا التوجه ليس مجرد استجابة للنمو المتسارع للسوق الإسلامية العالمية فحسب، بل يعكس أيضاً اعترافاً بالتنوع الثقافي والديني للمستهلكين.

ويمثل شهر رمضان فرصة فريدة للعلامات التجارية لإظهار فهمها واحترامها لقيم وتقاليد المسلمين، وخلال هذا الشهر تتغير أنماط الاستهلاك، ما يجعل الرسائل التسويقية التي تحتفي بروح رمضان وتعكس قيمه الجوهرية تلاقي صدى أكبر لدى المستهلكين.

وأكد الرئيس التنفيذي لماجد الفطيم لايف ساتيل، فهد غانم، خلال مقابلة مع «CNN الاقتصادية»، أن شركته شهدت زيادة تقدر بنحو 50 في المئة في حجم المبيعات خلال النصف الثاني من شهر رمضان، ويرجع ذلك إلى استعداد المستهلكين للعيد، ما يؤدي إلى زيادة الإنفاق.

كما لاحظ غانم تغيرات في عادات زيارة المستهلكين للمتاجر، ويتمثل ذلك في أن 52 في المئة من الزوار يقومون بزيارة المتاجر بعد الساعة الثامنة مساءً.

وفي السعودية، خلال العشر الأواخر من شهر رمضان، تفتح متاجر ماجد الفطيم أبوابها من الساعة الخامسة صباحاً حتى الساعة العاشرة صباحاً، نظراً لأن 40 في المئة من مبيعاتها تحدث في الفترة الصباحية، يعود هذا التغيير إلى تغير في سلوك المستهلكين خلال هذا الشهر الفضيل.

ويقول غانم «رمضان، هو شهر للعطاء والتفكر وشهر للتجمع، ولكن للعلامات التجارية، يُعَد هذا الشهر فرصةً للتواصل مع جمهورها، ودراسة سلوكهم وبالطبع زيادة المبيعات».

وتعتبر روث برادلي، وهي خبيرة في مجال التسويق ومؤسسة شركة روث برادلي للاستشارة، والتي تتولى إدارة العلاقات العامة للعديد من العلامات التجارية الفاخرة، أن الجمال في هذا الأمر يكمن في أن العلامات التجارية، خاصة في السنوات العشر الأخيرة، جلست وأنصتت لعملائها وتفاعلت معهم، مدركة أهمية تلبية احتياجاتهم محلياً.

فعلى سبيل المثال، قامت شركة «أبركرومبي آند فيتش» للملابس الراقية بإطلاق مجموعة ملابس عليها كلمات عربية وشعارات دينية لأول مرة بعد أربع سنوات من التحضير، وقوبلت هذه المجموعة بحفاوة كبيرة وبيعت كل قطعها من المتاجر في فترة قياسية.

وتقول المصممة ديما عياد، التي تملك علامة تجارية باسمها وتشترك في حبها وتقديرها للشهر الفضيل، إنها تعتبر الحملات الرمضانية ذات أهمية كبيرة؛ لأنها تُذكِّر الفرد بعروبته.

وتقول برادلي آن إن كل العلامات التجارية تريد جني الأموال، مشيرة أن هذا ليس علماً فريداً، «العلامات التجارية موجودة بالفعل لكسب المال، لكن من خلال إنتاج المجموعات الرمضانية، ومن خلال استهداف العملاء المحليين، تصبح العلامات التجارية أقرب لهؤلاء العملاء».

ومع ذلك، فإن نجاح هذه الحملات يعتمد بشكل كبير على قدرة العلامة التجارية على إظهار فهم عميق لثقافة وقيم المستهلكين المسلمين، مع ضمان عدم تجاوز الحدود التي قد تُفسر على أنها استغلال تجاري للقيم الدينية، وتستلزم هذه العملية إجراء بحوث دقيقة والتشاور مع خبراء ثقافيين ودينيين لضمان الحساسية والاحترام في جميع جوانب الحملة.