أجمع خبراء في الطاقة تحدثوا مع «CNN الاقتصادية» على أن استيراد مصر الغاز الطبيعي المسال خلال الصيف الحالي يمكن أن يحد من ظاهرة انقطاع الكهرباء في البلاد.

وتعاني مصر من نقص في الوقود المستخدم لتوليد الكهرباء، ما دفعها إلى قطع الكهرباء يومياً لمدة ساعتين على عموم البلاد لتخفيف أحمال الاستخدام، وتسعى وزارة البترول المصرية إلى استيراد شحنات من الغاز المسال خلال فترة الصيف لمواجهة الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي من قبل قطاع الكهرباء، والحد من انقطاعات الكهرباء مع زيادة استهلاكها خلال فصل الصيف.

واتفقت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» التابعة لوزارة البترول المصرية على استيراد شحنات غاز مسال، على أن يتم تسليمها في ميناء الشيخ صباح الأحمد الصباح بمدينة العقبة الأردنية وتغويزها من خلال وحدة التغويز العائمة للغاز الطبيعي في المملكة الأردنية، على أن يتم نقلها عبر خط الغاز الواصل بين مصر والأردن، وبدأت مصر فعلياً عمليات استيراد الغاز المسال.

كما تتفاوض الشركة التابعة لوزارة البترول المصرية مع شركة هوج النرويجية المتخصصة في وحدات تغويز الغاز، لاستئجار وحدة تغويز الغاز المسال.

تعمل محطة التغويز على تحويل الغاز المسال -الذي يتم استيراده في صورة سائلة- إلى صورة غازية، حتى يتم ضخه في شبكة الغاز القومية المصرية.

متى تنتهي أزمة انقطاع الكهرباء في مصر؟

ويقول حافظ سلماوي، أستاذ هندسة الطاقة بكلية الهندسة بجامعة الزقازيق، والرئيس التنفيذي السابق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك، إنه من المخطط اختفاء ظاهرة انقطاع الكهرباء مع البدء الفعلي لاستيراد شحنات الغاز المسال التي من المنتظر أن «تلبي احتياجات مصر من الوقود التي تقدر بنحو 64 مليار متر مكعب من الوقود المكافئ سنوياً، بينما يصل إنتاج مصر إلى نحو 58 مليار متر مكعب من الوقود المكافئ سنوياً».

ويرى مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول المصرية الأسبق، أن خطوات الحكومة المصرية باستيراد كميات من الغاز المسال سيسهم في الحد من تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء خلال فترة شهور الصيف التي تتواكب خلالها ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات استهلاك الكهرباء، قائلاً إن «الكميات المستوردة ستحافظ أو تقلل ساعات انقطاع الكهرباء على الأقل».

وخلال بداية الشهر الحالي استأنفت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية تطبيق نظام تخفيف الأحمال عبر قطع الكهرباء عن مناطق في جميع أنحاء البلاد، حيث تصل مدة الانقطاعات إلى ساعتين يومياً بدءاً من الساعة 11 صباحاً حتى الساعة الخامسة مساء.

يضيف سلماوي، أن الحكومة المصرية تعمل على استيراد الكميات اللازمة من الوقود لسد احتياجات الكهرباء وفقاً لخطة محددة تتضمن معايير لتشغيل محطات الكهرباء المصرية من الوقود، قائلاً إن «استخدام المازوت كوقود لمحطات الكهرباء يمثل نحو 12 في المئة من الوقود المستخدم، على أن يشكّل الغاز الطبيعي النسبة المتبقية من الوقود المستخدم في محطات الكهرباء».

ووفقاً لبيانات وزارة البترول المصرية، فإن متوسط الاستهلاك المحلي اليومي من الغاز الطبيعي خلال العام المالي 2022-2023، بلغ نحو 5.9 مليار قدم مكعبة يومياً، تشمل 57 في المئة لقطاع الكهرباء و25 في المئة لقطاع الصناعة و10 في المئة لقطاع البترول ومشتقات الغاز وستة في المئة لقطاع المنازل واثنين في المئة لتموين السيارات.

وبحسب نائب رئيس هيئة البترول المصرية الأسبق، فإن الحكومة المصرية ستعمل من خلال استيراد الغاز المسال على توفير الوقود اللازم للقطاع الصناعي والكهرباء، «لذلك سيتم الاحتفاظ بنظام تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء لتوفير الوقود للقطاع الصناعي»، على حد قوله.

ويضيف يوسف أن الحكومة قررت خلال العام الحالي استيراد الغاز المسال لانخفاض سعره مقارنة بأسعار المازوت في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية.

وقدر مسؤول بوزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، في تصريحات سابقة لـ«CNN الاقتصادية»، فاتورة استيراد الغاز المسال خلال الأشهر الأربعة القادمة من فصل الصيف بما يزيد على 500 مليون دولار.

وطبقت الحكومة المصرية التوقيت الصيفي، في محاولة منها لاستيعاب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، إذ أعلنت في مارس آذار من العام الماضي، عن بدء عودة العمل بنظام التوقيت الصيفي بداية من الجمعة الأخيرة من أبريل نيسان حتى الخميس الأخير من أكتوبر تشرين الأول.

وبررت الحكومة قرارها بعودة التوقيت الصيفي، بأنه «محاولة لاستيعاب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، والتكيف مع أزمة الطاقة العالمية عبر ترشيد الاستهلاك».

الطاقة المتجددة حلاً للأزمة

وتعمل الحكومة المصرية على زيادة نسبة الطاقة الجديدة والمتجددة في إنتاجها من الطاقة الكهربائية، إلى 35 في المئة بحلول 2030، مقابل 4.5 في المئة حالياً، على أن تستمر في الصعود لتصل إلى 42 في المئة عام 2035.

يعتمد مزيج الطاقة لمصر في الأساس على توليد الطاقة الكهربائية من مصادر مختلفة أهمها الغاز والبترول، والذي يمثّل نحو 90 في المئة في المصادر المولدة للكهرباء.

وفقاً لاستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030 التي وُضعت خلال عام 2018، من المخطط أن يتكون مزيج الطاقة المصري بحلول 2030 من 27 في المئة من النفط والغاز، وخمسة في المئة طاقة كهرومائية، و16 في المئة من الطاقة الشمسية، و14 في المئة من الرياح، و29 في المئة من الفحم، وتسعة في المئة من الطاقة النووية.

مصادر إنتاج الكهرباء في مصر

ووفقاً لموقع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، فإن الحكومة المصرية تستهدف أن يتكون مزيج الطاقة المصري بحلول عام 2035 من 55 في المئة محطات حرارية، واثنين في المئة طاقة كهرومائية، و26 في المئة من الطاقة الشمسية، و14 في المئة من الرياح، وثلاثة في المئة من الطاقة النووية.